٢٠٠٥-١٠-٠٢

بين المطرقة والسندان

اذاعت قناة الحرة الأمريكية- الناطقة باللغة العربية - برنامجاً حول الوضع فى العراق اسم البرنامج " بين جيلين " وكما يتضح من اسم البرنامج فأن المعنى واضح ، الوضع فى العراق بين جيلين ويمكننا بسهولة ودون تردد ان نعمم التسمية لتصبح بين جيلين ليس فى العراق فقط بل فى كل انحاء الوطن العربى بل وفى العالم اجمع فى ظل استفراد الولايات المتحدة الأمريكية بمقدرات العالم وحدها.
المشكلة الحقيقية فى أن ما اذاعته القناة فى برنامجها كان فظيعاً لأقصى درجة جعلت حتى المشاركين بالبرنامج من ذوى الميول المعتدلة فى حالة من الوجوم والصدمة لدقائق عدة بعد ذلك ..
اذاعت القناة مشهداً مطولاً لعملية ذبح ثلاث من الشباب العراقيين ليس على أيدى الجماعات المسلحة الموجودة الآن فى العراق ، لكنها لتنظيم ما كان يعرف باسم " فدائيو صدام " – ويبدو الهدف واضحاً وهو الإيحاء بمقارنة من نوع ما بين الفصيلين السابق والحالى ممن يحترفون قطع الروؤس – تم ذلك وفق تسجيل شريط الفيديو فى ديسمبر 1998.
كانت العملية برمتها فى منتهى الشراسة والقسوة فهى لم تكن اعداماً بالمعنى المعروف – كان الوضع اشبه بأفراد من آكلى لحوم البشر فى انتظار ضحيتهم .. فالمشاركين فى التنفيذ كانوا بالعشرات من حاملى السلاح والمتشحين بالسواد بعضهم ملثم والآخر سافر الوجه تبدو على وجههم علامات التلذذ بما يفعلون ينشدون جميعاً نشيداً حماسياً تظهر فيه بوضوح اسماء صدام حسين العديدة .. والضحايا شباب عراقى أيديهم خلف ظهورهم مكبلين ومعصوبى العينين ..
ليتم بعد ذلك وفى مشهد اصرت القناة وقبل منها كاميرا التصوير ان يبدوا فى منتهى الوضوح وبقسوة لا يتصف بها آدمى يحمل بين جنباته قلباً او روحاً تخاف يوم الحساب تم قطع ألسنة هولاء الثلاثة واحداً تلو الآخر ويتركوا لينزفوا بضع دقائق بعدها تقطع الرؤوس ذبحاً بالسيف .. وينفجر مرة أخرى الصياح والرقص والصخب الهيستيرى وكأن المنفذين قد اعدموا الشيطان او احد اتباعه وليس شباباً عراقياً عربياً يحمل نفس دماء ولغة وربما دين جلاديه وتجول الكاميرا بين الأجسام الثلاثة فى مشهد يصعب على العقل البشرى تقبله .. لأجسام بشرية بلا رؤوس .
لينتقل المشهد بعد ذلك الى مجموعة من رؤساء العشائر العراقية واقفين يشهدون ما جرى فى حالة من الصمت الذى لا تدرى سببه فعلاً .. هل هو موافقة لما حدث .. أم هو الرعب ألجم العقول قبل الألسنة وجعل كبيرهم يفكر ألف مرة قبل ان يتحرك لسانه داخل فمه بكلمة امام هؤلاء الوحوش !! وهو الأسلوب الذى اتبعه صدام حسين فى حكمه للشعب العراقى طوال الثلاثين عاماً الماضية .
كان تسجيل الشريط كما تذكر القناة ويذكر الشريط نفسه هو توثيق تنفيذ حكم الأعدام على " الأشقياء الثلاثة " من الشباب العراقى وارساله الى قيادة منظمة " فدائيو صدام " تأكيداً للحدث وتسجيلاً له.
لم يتم ذكر سبب الذبح والأعدام لهولاء الثلاثة .. بل تركت القناة الأمر لخيال المشاهد العربى .. ليقارن بين ما يحدث الآن فى العراق من عمليات مماثلة وبين ما شاهدوه .. فى محاولة لوصم المقاومة العراقية بأنها من تدبيرأفراد النظام السابق .. نفس مرتكبى عملية الذبح من " فدائيو صدام " وغيرهم .
ويبقى السؤال .. الى متى سوف يظل المواطن العربى مطحوناً بين المطرقة والسندان
بين مطرقة انظمة حكم من نفس الدم واللغة والدين لكنها اكثر شراسة ووحشية من العدو الحقيقيى .. ولتشهد العراق فى الشريط السابق .. ومصر فى قضايا ايمن نورو عبدالعزيز مخيون و عبدالهادى قنديل وغيرهم .. وليبيا واليمن والسعودية وسوريا ولبنان ...
وسندان التدخل الأجنبى بتجاوزاته فى ابوغريب والبصرة وجوانتانموا والتى على قسوتها وشذوذها – نجحت القناة فى ان تجعله رحمة – الى جوار ما يحدث بيد الأخ والقائد والزعيم وكل من سُلط على رقابنا .
لا نملك الأ ان نصرخ الى الله عز وجل ..
اللهم ارفع مقتك وغضبك عنا
اللهم ارفع مقتك وغضبك عنا ..

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

كيف يتم الابلاغ عن اي شيء لمنظمة حقوق الانسان المصرية