٢٠٢٣-٠٦-١٦

مشغول أنا بما قليلاً ما يشغلُ الآخرين، أو ربما يشغلهم لحظات ثم يَنفُضون عنهم ذلك الانشغال الى ما هو يُسمن و يُشبع من جوع - من وجه نظرهم.

من بين كل هؤلاء الآخرون، لا يشغلني إلا القليل: شريكة الحياة،أطفالنا،وبعض الأقربون.

وأشعر كثيراً بالحيرة فى أعينهم، حينما يسمعوننى أُفصح عن بعض هذا الانشغال فى حديث عارض هنا او هناك.

مصدر الحيرة الأساسى فى الغالب الذى أشعره، يتمثل فى كلمة .. لماذا.

لماذا دوناً عن كل الرجال/ الآباء الذين نعرفهم، يبدوا رَجُلنا/أبانا مختلفاً فى طريقة تفكيره، او مُنشغل بالتفكير فيما لا يُفكر فيه الآخرون من الرجال/الآباء.

وهو انشغال او تفكير، يشعرون بالحرج إزاه، فهو يضرب فى أنفسهم،صميم أفكار القطيع والعقل الجمعى المُنقادون له.

ثم أمد حبل أفكارى عبر التاريخ - كما أفعل دوماً - ففيه الكثير من الاجابات، وأجد الاجابة فى قصة متشابهه مع قصتى، لرجل عاش قبل ألف وتزيد من السنين.

وأُدرك "الشتان" ما بين الحالتين، لكنهما فى النهاية: رجلين، وُضعا فى نفس الموقف.

عرف الرجل شريكته، او ربما هيا التى عرفته أولاً.

كان هو فى بضع وعشرين من عمره (متأخراً كثيراً فى سن الزواج عن أقرانه فى ذلك الوقت)، وكانت هى فى الأربعين: أرملة غنية مستقرة، ومستقلة.

تعامَلت معه قبلاً- مدة من الوقت -كأحد معاونيها فى أعمالها، ومن هنا عرفته ، وربما عرفت بعض أفكاره، وما ينشغل به دوناً عن الآخرين من شئون الحياة .. وعرفها.

ولن أستفيض كثيراً، فالقصة معروفة.

طوال عشرون عاماً، عاشتها معه، لم تشعر بالحيرة من أفكاره، او مما يقوله، او يفعله.

و بالتأكيد ابداً لم تشعر بالحرج، كونه يغرد خارج القطيع.

بل كانت العمود الأول، والركن الأهم، فى نجاحه فيما نجح فيه بعد ذلك.

ويبدوا السؤال التلقائى: لماذا كانت هذه السيدة الأعظم، خلف هذا الرجل العظيم.

لا اجابة محددة فى هذا الشأن يمكن الوصول اليها.

لكنى أعتقد، أنها ملكت عقلاً مفكراً ،متأملاً - كعقله -فانجذبت للرجل بسرعة.

صقل هذا العقل، قريبها الأقرب، "بن نوفل" :مُعلمها، ومُربيها الفكرى.

ومن هنا صدقته، ودعمته، حتى رحيلها. ولذا كان طوال عمره، محُباً وفياً لها فى وجودها ..

متذكراً لها، دامع العين كثيراً حين غيابها.

أتفهم ان ليس كل شريك بهذا الوعى، او القدرة على الدعم، خاصة فيما يخالف القطيع وأفكاره.

لكننى أبحث عن حل توافقى، ارسم به "بسمة" على وجه شريكتى، وأطفالى، والبعض الأقربون، بدلاً من تلك النظرات الحائرة، على وجوه مستنكرة.

وآمل ان اجد ذلك فى أقرب وقت.