٢٠٠٥-١٠-١٠

المسرح

فى واحدة من نوبات السفر عبر الخيال .. اغمضت عينى وتذكرت كلمة للفيلسوف الشهير برتراند راسل .. عن الحياة .. عن من يعيش الحياة وكيف يعيشها
تخيل انك - ودون ارادتك - وجدت نفسك فى قاعة مسرح ضخم مدعواً للمشاركة فى حدث ممتد .. شئت ام ابيت .. هو ممتد الى آخر لحظة فى عمرك
تخيل ان القاعة مغلقة .. لا سبيل للخروج منها إلا بأرداة لست تراها ولا تملك ان تطلب منها الخروج .. فقط حين يحين ميعاد خروجك
بدأ العرض او بمعنى أدق .. بدأت انت تدرك ان العرض بدأ.. قبل دخولك ، منذ فترة طويلة
المكان مزدحم .. ممتلئ بالبشر .. ليس هناك حداً فاصلاً بين الممثلين والمشاهدين .. الأضاءة خافتة حيناً .. ومبهرة احياناً اخرى ..
المؤثرات الصوتية .. تحيطك من كل جانب .. القليل من الوقت , وتلاحظ بالفعل ان لا حدود بين المشاهدين ومن على خشبة المسرح .. يختفى البعض فجأة .. دون ان يدرى احد .. يسمح بالخروج من المكان لمن جاء دور خروجه .. والأرادة التى لست تراها هى من تقرر ذلك .. يختلط الحابل بالنابل ، فالمشاهدين على خشبة المسرح .. ومن كانوا على الخشبة ابطالاً للرواية .. فجأة تحولوا الى مشاهدين ، او ممثلين ثانويين ، او خلف الكواليس يؤدون ادواراً لا يراها الكثير من الحاضرين
المكان صار صاخباً .. مزدحماً .. كريهاً .. اصواتاً مزعجة .. انفجارات .. مشاهد حرب .. لون دماء .. بشر من كل الألوان .. لا تعرف هل هم فى حالة ضحك ام بكاء .. تجد من كان يلعب دور الصديق منذ دقائق صار الآن فى مشهد العدو .. يحمل خنجراً خلف ظهرة وابتسامة عذبة فوق شفتيه ينتظر اللحظة الحاسمة
ممثلون يرفعون كتب سماوية .. وآخرون يحملون السيوف .. الجو يزداد سخونة ورطوبة .. ورائحة عرق وبارود تفوح فى الجو
فجأة ترى عائلتك فى احد الأركان البعيدة .. جزء من حالة التمثيل التجريبيى الذى يجرى امامك .. حيث الجمهور هو البطل .. وحيث كل المكان هو قاعة العرض وخشبة المسرح
احدهم .. يمسك اخاك فى ركن .. وقد اشبعه ضرباً حتى تشعر ان روحه توشك ان تزهق
ابن عمك .. ترى وجه تحت جنزير مدرعة اشبه بمدرعات الحرب وقد انفجرت رأسه .. وصار جسده اشلاء
اختك .. امك .. بنات عائلتك مربوطون الى حبل واحد فى انتظار مصيرهم الذى تخشى ان يكون هو ما تفكر فيه
تقف مذهولاً .. لاتدرى اهذا الذى يحدث .. جداً ام هزلاً
اتشاهد عرضاً تمثيلاً تجريباً .. لا حواجز بين مكونات العرض .. ام انك فى حلم تريد الأستيقاظ منه ولا تستطيع
تخيل كل ذلك .. وحاول ان تجيبنى
هل تستطيع فى وسط هذا العرض ان تغلق عينيك وتنام ؟
هل تملك القدرة ان تغمض عينيك وتضع رأسك على ظهر الكرسى الذى تجلس عليه مسترخياً وتقول .. هو عرض مسرحى لا اكثر له مخرج يديره .. هو بدأه وهو الأقدر على انهائه ؟
هل تسطيع حقاً ان لا تتأثر بما يحدث حولك ؟
هل تستطيع ان تنسلخ من هذا كله ، وتخرج مسبحتك وتتلو اذكارك ضارباً عرض الحائط بما يحدث ؟
هل يستطيع عقلك محو صورة اخيك وابن عمك من هذا المشهد - وتحمدالله على سلامتك ؟
ماذا عن بنات عائلتك اللائى تراهن اقرب الى السبى منهن الى الحرية ؟
هل تستطيع السكون فى انتظار ان يأتى دورك - حين ارادة القوة الخفية - كى تخرج من العرض الى حيث لا تدرى ؟
هل تستطيع ان تنام هكذا بكل يسر فى نفس مكان العرض هذا ؟
يبدو المكان كريهاً .. لكنك غير مخير فى البقاء او الذهاب .. انت ملزم ان تظل الى ان يحين ميعاد خروجك
اشعر بالاختناق لفكرة تواجدى فى مثل هذا المكان
اود الخروج .. ولا استطيع
اود النوم .. لكنه مستحيل
اود الصراخ .. لكن لا حنجرة لى
اود ان افعل شيئاً كى اوقف هذا الألم
اكتشف انى مقعد
مشلول

هناك ٤ تعليقات:

لا أحد يقول...

good site and you have a good style of writing but plz you write in your ( beta2et hwya ) some poem for ma7moud darweesh plaz write his name 3ashan 7o2o2 elmlkya elfkria , u don't like any one take yor essays and write his own name under it any how keep goin on , nice effort

واحد صعيدى يقول...

الأخ احمد حسن
فى نهاية القصيدة ستجد اسم محمود درويش بخط اعرض قليلاً .. يحتاج فعلا لأن يكون أكثر ظهوراً.. والقصيدة اشهر من ان يسطو عليها احد :)
اشكر لك اهتمامك .. واتمنى دوام مشاركتك .. كل عام وانت بخير

لا أحد يقول...

معلش العتب علي النظر بقي المهم ان هعمل لينك للمدونة بتاعتك عندي لأنها بصراها عجباني جدا بعد اذنك طبعا

واحد صعيدى يقول...

طبعاً مفيش مشكلة .. وانا بالفعل اضفت مدونتك عندى ..
keep in touch ..