٢٠٠٥-١١-٠٩

عن الوطن


يعنى ايه كلمة وطن
حدود
مكان
ولا حالة من شجن
اسئلة تثير فى النفس حالة من حالات التأمل والبحث والسؤال .. فى واحدة من ارق اغنيات محمد فؤاد .. حول الوطن
ذلك الشئ غير المحدد المعالم .. غير مفهوم المعنى .. ربما عندنا فى وطننا الغارق فى سحابات اليأس .. واللاأمل
وطننا الغامض .. الصامت .. الغاضب .. الساكن .. المعبء بأحمال الماضى الثقيلة .. بتماثيل الفراعين الحجرية .. ولفائف المومياوات .. وشروط الطاعة للرب الفرعون على جدران المعابد واوراق البردى .. وطننا الشارب حتى الثمالة روح القبيلة وجاهلية القبيلة .. وطننا المتجمل بقشور الدين السابح على سطحه المهتم فقط .. بشكل الدين واصباغ الدين .. الخائف دوماً من الغوص فى معناه .. فصار الدين قناعاً للتجميل لا اكثر وصرنا نستخدمه للتجميل لا للعلاج .. وصار اكثرنا جمالاً اكثرنا تجملاً بالدين
وطننا الغارق بين لجج الشرق والغرب .. المنقسم على نفسه بين بونابرت وابن تيمية .. بين ابن حنبل وابن خلدون ..بين اليسار واليمين .. بين الحاكم .. الأله .. الفرعون .. القيصر.. المقوقس .. الخليفة .. امير المؤمنين .. الأمام .. الخديوى .. السلطان .. الملك .. الرئيس وابن الرئيس .. الحاكمون دوماً بأمر الأله، وبين المحكومين .. المقموعين .. الكمبوتين .. المكممين بفعل الحاكمون دوماً بأمر الأله
ونتوه بين خضم الأمواج بحثاً عن الوطن المتوحد دوماً وشخص الحاكم .. الساكن وحده جوف الوطن ، نبحث عن الوطن فى البيوت .. الشوارع .. البشر .. الجبال .. النهر .. السماء .. الأرض .. الوطن التائه منا والتائهون منه .. الغير قادرين على ان نكرهه .. ولا يسمح لنا ان نحبه .. فهو لا يفصح عن نفسه .. ولا عن مكان وجوده .. ولا يخبرنا كيف يمكن ان نجده وحده .. صافياً .. نقياً .. أبياً .. دون ان يكون نعلاً فى قدم الحاكم الأله
الوطن .. الكارهون صمته المطبق على ما يحدث لأبنائه من قبل الحاكم الرب .. الراضى لنا دوماً بعيشه السخرة ، واثواب العبيد ، الراضى دوماً بأن يضاجع من يجلس على كرسى الحكم .. أيا كانت صفته او رسمه .. فرعونياً .. رومانياً .. عربياً .. كردياً .. مملوكياً .. تركياً .. او مصرياً اصابه - هو الوطن - بداء التأله ، وكل أمراض الفرعنة .. القيصرة .. الكهنته .. المشيخة .. والمرئسة
أيها الوطن .. الأ تريد ان تسمع صرخات ابنائك الغاضبة .. المكبوتة .. المقموعة منذ الآف السنين .. الأ ترى سحب البخار المكتوم تغلى تحت قدميك ، الأ ترى شرارات النار تكاد تقفز من العيون ..عيون البشر .. الصابرة حتى ملها الصبر .. الصامتة .. حتى نطق عنها الصمت .. الراضية .. حتى سخط منها الرضا .. المذلولة .. حتى اشمئز منها الذل
هل يصنع الوطن المعجزة .. ويسمع صوت الملايين الراغبة فى حبه الغير راغبة فى غيره .. المتحرك بعض نخبه لازاله الورم الخبيث الذى استشرى فى جسده .. راجين له الشفاء .. قبل ان يتمكن المرض من كل الجسد .. فلا يعود وطن .. ولا يعود ابناء
اليوم .. التاسع من نوفمير تبدأ معركة تستمر شهراً كاملاً .. يمتلئ فيها الوطن من اقصى الشمال الى اقصى الجنوب .. صخباً وضجيجا هتافا وعويلاًً ووعداً ووعيداً ، حزن وفرح املاً ويأس .. غداً وامس ، صراخاً وهمس .. اليوم قد يكون بداية الميلاد .. بعد آلام المخاض الطويلة ، حياة جديدة لا تحمل ألا براءة الأطفال واحلام الأطفال .. المشروعة الصادقة .. وقد تكون حشرجة الموت بعد طول عناء بعدها يستكين جسد الوطن .. فى تابوت مومياء
اليوم قد يكون تاريخاً فاصلاً فى حياة الوطن .. يوم ميلاد جديد .. وشهادة ميلاد لوطن يصر أن يجعل حفنه من ابنائه فقط فوق اكتافه والباقون تحت قدميه يستقبلون فضلات ووساخات من فوقهم
أيها الوطن بالله عليك لا تخزلنا .. نستحلفك ان تكف عن تدليل من فوق اكتافك فقط .. كف عن مضاجعة الحاكم الرب الأله .. كف عن انجاب ابناء السفاح .. وانظر ألينا واستمع ألينا .. نقسم بالله العظيم .. اننا لانريد لك ألا الخير كل الخير .. نرجوك الا تخزنا .. نرجوك ألا تقتل الأمل فينا .. ألا تدوس علينا بأقدامك الضخمة .. فعندها لن نبقى .. عندها سوف تكون وطناً .. للمومياوات .. وطناً للأموات

ليست هناك تعليقات: