٢٠٠٦-٠٣-٠٧

صديقى الطاووس .. لا تغضب


صدفة بحتة .. جمعتنى معه بعد ايام قليلة من نعتى له بالطاووس ، وبعد ان رد على ما اعتبره سباً و قذفاً –وهو ما جعلنى أظن انى سوف اتلقى امر استدعاء على يد محضر - برسالة لم اجد تعليقاً عليها إلا " لا تعليق " كان ابرز ما فيها هو وصفى ب " سى افلاطون " .ه
اعترف انى سعدت جداً ، ليس للوصف نفسه بقدر سعادتى ان صديقى استطاع استجداء ذاكرته حتى اسعفته باسم فيلسوف اشك ان صاحبى يعلم حتى فى اى عصر ولد ناهيك عن آرائه او ما قاله فى محاوراته او فى رحلته بحثاً عن اليوتوبيا " وهى لصديقى العزيز .. المدينة الفاضلة " وليست " شتومة " والعياذ بالله .ه
صديقى .. انت حر فى طريقة حياتك وفى افكارك وآرائك ، فلكل منا فلسفته فى الحياة حتى راعية الغنم التى كنت آراها فى صغرى وأحبها لتركها لى ألعب مع أغنامها الوليدة آنذاك ، كانت تعيش وفق فلسفة مؤداها " الصحة والستر وراحة البال " وهى للعجب جل ما يحتاجه الأنسان فى كل العصور ، وما يعيش بحثاً عنه ، وهناك من يفضل ان تكون مقولة مثل" انا ومن بعدى الطوفان " شعاره فى الحياة ، يتحسس خطاها ولو على غير علم منه ، وهم كثر فى زماننا . ه
صديقى .. لكل منا ميزان حرارته الخاص ، والذى يعلو مؤشره وينخفض تبعاً لحساسية الفرد ومرونته وربما بروده اذا صح التعبير، هذا المؤشر اشبه بالخطوط الحمراء التى ولابد ان لكل انسان – " بيحس "- مجموعة منها يحيط بها نفسه فلا يسمح بعدها لأحد بالأقتراب او التدخل وتجاوز تلك الخطوط الحمر . وكما اتفقنا فهى تختلف من فرد لآخر ومن شخصية لأخرى الا انه فى كل الحالات بعدها يبدأ رد الفعل المضاد والذى يتراوح ما بين الضيق الخفى او العلنى و الأنفجار فى الحالات الأشد وعند التجاوز المبالغ لمؤشرات ميزان الحرارة الداخلى.ه
قله فقط هم الذين استطاعوا الاحتفاظ بميزان حرارتهم الداخلى فى قطعة من جليد سيبريا .. بحيث اصبحوا بلا خطوط حمراء ولا من اى لون .. وللحق - والحق أقول - فأن العديد منهم يصل الى القمة .. ورئيسى مصر السابقين خير مثال – أظنه – لتلك الحالات .ه
على أيه حال .. رسالتى لك هى مجرد تنبيه لك من صديق " وهو فى العرف من يصدقك القول " بأن تكون أكثر احساساً فى تعاملك مع الآخرين .. فكلنا يقبل المزاح والهذر بصدر رحب حين يكون فى موضعه ، اما حين يكون المزاح فى غير موضع المزاح .. فهو يا صديقى العزيز .. حمق ، وأنا أسمو بك ان تكون كذلك .ه
حين نقول آرائنا .. وأفكارنا – ولوكانت دخان فى هواء او سراب صحراء – فنحن نتوقع من الآخرين الأتفاق او الأختلاف مع كل او بعض ما جاء ، وهو ما حدث ، نتوقع ايضاً ان يتجاهل آخرون الأمر برمته وهو الأمر الذى لا يشين صاحبه ابداً فحياتنا أعقد فى بعض الأحيان من ان تتيح للعديد منا التفاعل يئساً او انشغالاً، نتوقع ايضاً ان يطلب البعض رفع اسمه من قائمة المراسلات البريدية عموماً وهو ما حدث ايضاً مع بعض الرفاق ، تلك ردود أفعال صحية وتحترم رغبات اصحابها ، اما ان يكون الرد والتعليق .. كلمة سخيفة لا تعنى شيئاً اللهم الا عدم فهم او بلادة .. فهو يا صديقى ما اترفع بك عنه ولا اتوقعه منك.ه
ختاماً صديقى .. ان تكون مهتماً مهموماً بشئونك وشئون من حولك ليست عيباً او سبه على الأطلاق ، ان تريد ان تعرف وتظنه – فى حد ذاته - هدفاً سامياً فى الحياه امر ليس بالسئ .. وكلنا حر فى كيفية عيشه الحياه.ه

يقول القدماء " تكلم .. حتى أراك " .. فما ينطقه لسانك ، او تكتبه يدك هو مرآة لما بداخلك فمنها يرى الناس ما بقلبك وعقلك .ه

ويقول آخرون
الجهل فى القلب كالَنزّ فى الأرض ، يفسد ما حوله .هه

وقال آخر
من لم يُفد بالعلم مالاً .. كسب به جمالاً

وسئل الحكيم بزرجمهر : ما أعجب الأشياء ؟ فقال : نجح الجاهل ، واكداء العاقل

وقال أبوالقاسم احمد بن ابراهيم حفيد الأمام الحسين رضى الله عنه

يلوم على أن رحت للعلم طالباً ... أجمع من عند الرواة فنونه
فأعرف أبكــــار الكلام وعونه ... وأحــــــفظ مما أستفيد عيونه
ويزعم ان العلم لا يكسب الغنى ... ويحسن بالجهل الذميم ظنونه
فيا لائمى دعنى أغالى بقيمتى ... فقيمة كل الناس ما يحسنونه

واخيراً صديقى العزيز .. اشير اليك بكتاب " ادب الدنيا والدين " للماوردى ، ففيه بعض ما تحتاجه ، ولا أقول فى النهاية الا ما قاله الشاعر

ينال الفتى من عيشه وهو جاهل ... ويكدى الفتى من دهره وهو عالم

أمر أخير .. الى كل الرفاق .. الأخوان او الأخوان .. الرفاق حسب موقعهم على خريطة الأنتماء الأيدلوجى " صديقى الطاووس .. ايدلوجى يعنى [ فكرى] ببساطة ومن غيركلكعة " لم أقصد فى لحظة واحدة من رسالتى السابقة انى سأكف عن الكتابة ، وأعتذر ان كان الأسلوب لم يوضح بالشكل الكافى ان ما قصدته فقط أنى سأكتب لنفسى ولو لم يقرأ لى ألا .. أنا ، ولكنى لم اذكر انى سأتوقف عن نشر ما أكتب .. كما فهمت أيها الصديق العزيز .. فأظننى أصلب من مئات الكلمات السخيفة .. وهذا للعلم والأحاطة .ه

٢٠٠٦-٠٣-٠٥

عصيان


هذا العام .. منتصف هذا العام تقريباً - تمر عشر سنوات بالتمام والكمال منذ تخرجت من كليتى .. عشر سنوات كنت خلالها أحلم دائماً بتحقيق مقولة أراها وأتحسسها كل يوم وأشعر بأنى قادر على تحقيقها .. " اللهم هب لى حياة عريضة لا حياة طويلة " كلمة .. اشعر اليوم بعد مرور عشر سنوات على التخرج بأنى لم أحقق منها .. ذرة واحدة.ه
لذا تضحكنى الى حد المرارة أغنية تذاع يومياً على معظم القنوات المصرية والمعنونة " يبقى انت اكيد فى مصر" ، وكثيراً ما تسائلت عن الأبله الذى كتب مثل هذا الكلام وهل هو يعيش فعلاً فى مصر أم انه يسكن كوكب آخر .. وإليكم اسباب نعتى له بالبلاهة : ه
انت اكيد فى مصر اذا ..
ه
كنت طفلاً نابهاً - كأغلب اطفال مصر - تبدو مواهبه متعددة متدفقة ، الى ان تدخل المدرسة الأبتدائية .. فتخرج منها جحشاً صغيراً ظريفاً .. عندما يُسئل " عايز تطلع ايه يا حبيبى لما تكبر " يجاوب وقد حلت الغباوة مكان النبهاة ، والعدوانية مكان الأبداع " عايز اطلع دكتور" .. فتنفرج الأسارير وتسعد القلوب وترد الألسنة " برافو عليك يا حبيبى ".ه
اذا دخلت الى مرحلتى الأعدادى والثانوى ، ممتلاء حيوية ورغبة فى الأنطلاق وتحدى العالم كله .. وخرجت منها كهلاً فى الثامنة عشر .. قد حددت مصيره وشكل حياته القادمين .. أرقام فى مكتب ما يدعى بالتنسيق.ه
اذا دخلت مرحلة الجامعة - وقد سلمت أمرك لله - وشعور بالذنب بأنك من جنى على نفسه بعدم قدرته على تحصيل المجموع المطلوب " كى تكون دكتوراً " ، ثم تقنع نفسك بأن الأمر لازال قابل للتحسن , وأنه من جد وجد .. ومن طلب العلا سهر الليالى ، فسهرت الليالى بعد ذلك كى تكون من الأوائل على دفعتك ..ونجحت فى ذلك ، ثم تدرك أنه ما دمت لا تملك الواسطة فأنت .. لاشئ.ه
اذا خرجت الى الحياة العملية .. وكنت من غالبية الشباب الذى هو احد حالين .. عاطل .. منذ سنين عدداً و تتنقل بين بعض الأعمال البسيطة هنا وهناك حياء من مد يدك الى اسرتك تطلب مصروف الجيب بعد ان صرت شطحاً جاوز الحادية والعشرين من العمر .او انك تعمل براتب يكفيك بالكاد ان تحيا وتعيش ، ثم تقاتل من اجل فرصة عمل توفر لك دخلاً يحفظ كرامتك قبل نهاية الشهر ، فأذا ما وجدته - داخل مصر او خارجها - فأنت تمسك به بيدك وأسنانك " وتعمل قرد " كى تحافظ عليه ولو كان عكس كل ميولك ورغباتك او مهاراتك وقدراتك .. فتعيش فى مقابل هذا الرخاء النسبيى حالة من حالات " التناحة " التى تنتابك بفعل استمرارك فى فعل ما قد يكون ابعد عن ما تحسن فعله .. فتصبح عاجزاً عن الأبداع والتمييز.ه
أنت فى مصر .. اذا أصبحت أيامك كورقة فى ماكينة تصوير تنسخ أيامك مئات المرات بنفس العيوب والأخطاء واللأمل فى التغيير ، الى ان ينتهى حبر الماكينة رويداً رويداً فتبهت مع الوقت ألوان الورقات المنسوخة وتخفت تدريجياً وتدرك بعد فوات الأوان بأن حياتك .. .. يوم أصل وألف صورة .ه
أنت فى مصر .. عندما تشعر بأن سبب وجودك فى الحياة مرهون - فقط - بقدرتك على الأستمرار فى ادارة " ساقية " اخترت - انت - بنفسك ان تضع لجامها فى رقبتك .. فتدور .. وتدور .. وتدور .. مغمض العينين ، حول محورك .. تصب الماء كى يحيا غيرك .. الى ان يأتى الأجل المحتوم .ه
الى كل اصدقائى المغردين خارج السرب .. الى من انتزع اللجام وعاد كما خلق .. برياً .. جامحاً .. لا يقبل القيد او العبودية باسم .. الدين والمجتمع .. والعادات ..والتقاليد ..والناس .. انى قادم .ه