٢٠٠٥-١٠-٣٠

ايران .. نجاد


يجب ان تزول اسرائيل من الوجود
كلمة هزت العالم بالفعل دون مبالغة من أقصى الأرض الى ادناها.. كلمة اختفت من مفردات حياتنا العامة وحتى الخاصة ، بعد ان تحول العدو الصهيونى الى صديق وجار له ما للجار من حقوق وليس عليه اى واجبات ، وتحول جزار مثل اريل شارون على لسان رئيسنا المبارك – ببراجماتيته المقيته – الى رجل سلام .. وبعد ان تحولت المقاومة الى مرادف لكلمة ارهاب ، وتحول حكامنا العرب الى قطيع من الخراف تسوقه عصا الراعى الامريكى ويحرسه الكلب الأسرائيلى وكان ان استحقوا جميعاً مظاهرة " حركة كفاية " الى سوف تتم خلال ايام ويسوقون فيها 22 خروفاً كل منها يمثل رمزاً لحاكم عربياً .. احتجاجاً على ما وصل اليه حكامنا العرب من خضوع مذل .. تشمئز منه حتى الضباع .. الكائنات الأحقر من فصيلة آكلى اللحوم ، والتى جعلت رجلاً مثل عرفات على ما به عيوب .. يذكر فى اخريات ايامه انه لم يندم على شئ فى حياته قدر ندمه على سماع نصائح اشقائه " الزعماء " العرب .. وهو ما جعله يعيد حساباته ويعود الى مساره الطبيعى كرجل مؤمن بحقه لا يفرط فيه بدعاوى الأمر الواقع واوراق اللعبة فكان ان رفض باصرار تقديم اى تنازلات اخرى تمس القدس الشريف وحق العودة للاجئين .. وممولاً ومنظماً لكتائب شهداء الأقصى جناح حركة فتح العسكرى .. معيداً ايام المقاومة المسلحة بمباركة شخصية منه بعد شعر انه يقترب من الموت ولم يحقق شئياً لشعبه .. بتسليم اذنه وعقله للأشقاء
يجب ان تزول اسرائيل من الوجود
كان عبدالناصر آخر من جرؤ على التلفظ بقول مماثل .. حين كان يندفع هادراً فى اذاعة صوت العرب " سنلقى بأسرائيل فى البحر " ودفع ثمنها غالياً ومعه جيل بأكمله من ابناء مصر ، وكانت نموذجاً حياً جعلت اثنين وعشرين حاكماً عربياً يتعلمون الدرس ، ويدرسون كلماتهم الف مرة قبل النطق بها على الرغم من انها كلمات مكتوبة سلفاً تم مراجعتها ايضاً مئات المرات

يجب ان تزول اسرائيل من الوجود
كلمة اطلقها الرئيس الجديد للجمهورية الأسلامية فى ايران .. كلمة ذكرتنا بسنوات الغليان الثورية التى طالما قرأنا عنها .. فى كتب هيكل ، وجمال حمدان .. سمعناها فى اغنيات عبدالحليم حافظ عندليب ذلك الجيل ، شاهدنا فى عين عبدالناصر ونبرات صوته فى خطبه التى والى الآن تجعلنا فى حالة من حالات الحنين الى الماضى وثوريته واحلامه المشروعة بعودة الحقوق المغتصبة ، رأيناها فى صورة جيفارا وهو يصافح عبدالناصر فى منظر يحمل اهم رموز الثورة فى القرن الماضى ، كلمة اطلقها محمود احمدى نجاد .. عامداً متعمداً رافضاً الاعتذار عنها بعد انفجار حالة الغليان العالمى .. بكل اصرار ومصدقاً عليها بأن ذلك هو المصير المنتظر والمحتم لدولة الكيان الصهيونى
كلمة تعبر عن حقيقة لا تقبل النقاش .. يدركها ويشعر بها فقط رجال من امثال عبدالناصر والخومينى وحسن نصرالله و احمد ياسين واحمدى نجاد .. رجال لا يحملون قيماً ميكافيلية .. ولا يتفهمون منطق البراجماتيين التى تتمسح فى التعقل والحكمة .. والحفاظ على سلامة الشعوب التى تقهر وينكل بها فى اليوم ألف مرة على يد هؤلاء البرجماتيين من الحكام .. كلمة تؤكد حقيقة كادت ان تغيب عن ادراكنا بفعل اعلام عاهر يقوده قوادون دون اى ذرة خجل او حياء .. هى بالفعل الهدف الذى ارُيد لنا ان ننساه او نتناساه .. ننسى ان فلسطين – كل فلسطين – ارضاً مغتصبة بفعل محتل غاصب وبصمت دولى مخزى .. ان فلسطين ليست قطاع قطعة هنا او هناك ، هى فلسطين ما قبل 1948 لا تنقص شبراً .. ولو استهزاء الهازئون بأننا غير قادرين على الحصول حتى ولو على ادنى من ذلك .. حتى لو رفع البرجماتيين مقولات مثل " ما لا يدرك كله لا يترك كله .."
هى كلمات يجب ان تزل حيه فى القلوب .. كل القلوب .. فقد استعيدت القدس على يد صلاح الدين بعد احتلال صليبى دام عشرات السنين ، واعيدت امارات كانت تعد امارات صليبية لمئات السنين .. لأن كلمات مثل تلك التى اطلقها عبدالناصر واحمدى نجاد كانت هى الرايات التى اصطف تحتها المقاومون خلف قائد يسلم قائد .. من عماد الدين زنكى ومحمود نور الدين الى صلاح الدين وبعده بسنين قطز وبيبرس .. كان لا يموت بداخلهم الأحساس بأنهم يطلبون حقاً اصيلاً مشروعاً .. امام جحافل الصليبين والمغول .. مسلحين بايمان ثابت بأن النصر حليفهم ولو بعد حين .. وهو ما حدث بالفعل وكان ان عادت كل الأراضى المحتلة دون التفريط فى شبر واحد او التنازل عن حبة رمل
لا احد يعلم حتى الآن شخص الرئيس احمدى نجاد سوى كونه من تيار المحافظين فى ايران الذين احيوا فيها فى الشهور السابقة اجواء الأمام الخمينى بثوريته وصموده العجيب وسباحته عكس التيار .. عاد احمدى نجاد الى الدرب الذى ولدت فيه ايران الأسلامية .. محطماً كل البروتوكولات الديبلوماسية والأعراف السياسة ، متجاهلاً المشهد الشهير للرئيس العراقى صدام حسين وهو يُسحب من الحفرة التى قيل انه مكث بها طوال الفترة التى اعقبت سقوط بغداد وحتى القبض عليه ، موحياً بأن ايران ليست العراق وان التصعيد بات سجالاً بين الطرفين المتربصين .. القطب الأساسى لمحور الشر " ايران " ، والشيطان الأعظم " امريكا
تطرح تلك الجملة القنبلة تساؤلاً هاماً عن ما يحدث فى ايران الآن ، ايران – الجمهورية الأسلامية – الصداع المزمن فى رأس امريكا ، الغلطة التى تعض اصابع الندم عليها منذ انفجار الثورة الأيرانية فى نهاية سبعينات القرن المنصرم- فى غفلة من العم سام الخارج تواً من آتون فيتنام - وحتى الآن ، وكانت الخسارة قاسية .. اقوى حلفاء امريكا فى المنطقة – الشاه المخلوع – وأحد اهم مصادر النفط لها بالمنطقة وكانت ان اعادت رسم سياستها بالمنطقة للتتحالف مع هذا ضد ذاك لتنقلب عليه بعد فترة .. محدثة حالة من التخبط والشك بين حكام المنطقة .. منتهية الى الوضع الراهن والشبيه بمباراة لكرة قدم .. تلعب فوق حقل الغام
ماذا يحدث فى ايران .. هل احمدى نجاد رجل احمق لا يدرى عاقبه ما يقوله .. ام انه رجل متشدد تغلى دمائه مما يجرى فى المنطقة بفعل اجهزة مخابرات الدول الكبرى واسرائيل وتخادل وخيانة الحكام العرب فانطلق يقول ما قال وبعناد اكثر يرفض استدراك ما حدث .. ام ان الأمر غير هذا .. وان ما تخشاه الولايات المتحدة الأمريكية واسرائيل قد بات امراً واقعاً .. وان ايران فى سبيلها لدخول النادى النووى خلال فترة لا تتجاوز الشهور الستة ، وهو ما جعل رئيسها يملك من الجرأة على قول ما لا يستطع حاكم عربى ان يسر به لأقرب مستشاريه
هل تحاول ايران تخفيف الضغط عن سوريا ولبنان مستغلة الوضع السئ لأمريكا فى العراق .. وعدم قدرتها على اتخاذ خطوات تفتح ابواب للصراع فى جبهة اخرى .. خاصة اذا كانت تلك الجبهة هي ايران بشراستها القتالية المعروفة سلفاً .. وحدودها المتسعة والمفتوحة مع العراق ، الى جانب التأثير الدينى الشيعى المتبادل بين الجارين المتلاصقين وهو نوعاً من اللعب بالنار التى يدرك الطرفان ان خطأ واحداً كفيلاً بأشعال حرب عالمية ثالثة .. دون مبالغة
الأمر الذى يدعو للدهشة .. انه فى اقل من يومين على تصريح الرئيس الأيرانى القنبلة .. يأتى خطاب الشيخ حسن نصرالله .. الأمين العام لحزب الله .. ليس فقط ليعيد تكرار الجملة .. بل انها تصاغ كنشيد يردده الألوف من شباب حزب الله فى احتفالية هى الأكبر والأقوى لحزب الله بمناسبة يوم القدس العالمى – وهى المناسبة التى اطلقها الأمام الخومينى – فى الجمعة الأخيرة من شهر رمضان .. لتمر ألوية وسرايا وكتائب حزب الله مخترقة شوارع الضاحية الجنوبية ببيروت .. معقل حزب الله بلبنان
لا يكتفى الشيخ حسن نصرالله بتصعيد الأمر مع اسرائيل فقط .. بل انه يفجر الأمر على كل الجبهات ، ليخرج منتقداً تقرير تيد لارسن المنسق المسئول عن تطبيق القرار 1559 الموجه اساساً لسوريا – والتى انسحبت بالفعل - والفصائل المسلحة بلبنان سواء كانت حزب الله او الفصائل الفلسطينية بمخيمات اللاجئين واللذان يبديان تحدياً سافراً للقرار الأمريكى اللابس ثوب قرار مجلس امن .. ليفتح بعدها الرجل النار ايضاً على تقرير ميليس القاضى الألمانى المسئول عن ملف اغتيال رئيس الوزراء اللبنانى رفيق الحريرى .. مؤكداً مساندته لسوريا رافضاً وبشكل قاطع اى محاولة لنزع سلاح المقاومة الأسلامية فى الجنوب اللبنانى ، مهدداً بالرد وعدم السكوت
تبدو المنطقة كقطعة صفيح ساخن .. او قنبلة انتُزع فتيلها ولا احد يدرى متى ستنفجر ولا اين ستكون بداية الأنفجار والذى سوف تطال شظاياه اطرافاً عديدة بالمنطقة .. مهيأ جواً ومناخاً .. أقرب لأجواء حرب تدق طبولها الآن فى اكثر من مكان ، ولا زال السؤال هل حققت ايران امر الله بالفعل .. " واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل * ترهبون به عدواً الله وعدوكم " أم انها محض عنتريات ما قتلت ذبابة كما قال يوماً نزار قبانى .ب

٢٠٠٥-١٠-٢٥

احداث محرم بك

أحداث محرم بك
تعيد الى الأذهان مرة اخرى القضية القديمة .. الحديثة .. المسلمين والأقباط فى مصر ، وبنفس منطق النعام يتعامل معها الجهاز الرسمى فى الدولة .. قبلات واحضان بين رجال الدين من هنا وهناك ، وتشنجات بأن الوحدة الوطنية فى مصر امر مفروغ منه .. وان ايدى خبيثة هى التى تثير الفتنة .. نفس منطق الأختباء من القضايا الشائكة وليس معالجتها
نعم .. هناك مشكلة حقيقية ، يجاهد رجال النظام فى مصر عدم التعرض لها .. ويعالجها رجال الدين من الطرفين بشكل ساذج اتقاء لفتح ملف من الملفات الساخنة التى يخشى من عواقبها , ولذا تبقى النار تحت الرماد دائماً متخوفين من لحظة الأنفجار متحاشين الحديث عنها بشكل مباشر

دعنا نلقى نظرة مثلاً حول بعض الأسئلة والمشكلات التى يتصدى لها علماء الدين المسلمين بالفتوى والتهديد بالويل والثبور وعظائم الأمور للمخالفين والذين انتشرت فتاواهم عبر الفضائيات يتنقلون من قناة الى اخرى ، يحسبون انهم يحسنون صنعاً .. وهم اشبه بالقات والأفيون الذى يتعاطاه الشعب كى ينسى مشكلاته .. ولنلاحظ عينة من اسئلة توجه الى كبار علماء المسلمين لتوضح مدى انشغالنا بتوافه الأمور .. وهو امر ترجوه السلطة فى بلادنا من شعوبها لكن الغيرمبرر هو تصدى هؤلاء العلماء للرد على مثل تلك الأسئلة .. ولنقرأ مثلاً


ما حكم الوضوء على طلاء الأظافر ؟
ماحكم وضع احمر الشفاه بعد الوضوء ؟
ما حكم الزوجين الذين يتحدثان فى امور جنسية عبر الأنترنت ؟
ما حكم الزوجين عند سماع الأذان وهم فى حالة الجماع ؟
ما حكم الجماع والنور مضاء ؟
ما حكم الامام الذى يحدث حدثاً ( اكبر او اصغر ) اثناء الصلاة ؟
ما حكم وضع اليد عند الصلاة ؟ هل فوق الصرة ام اسفلها ؟
ما حكم رسم الحاجبين ؟

من الواضح ان الامر لا يخرج عن كونها سلوكيات وشكليات لا تعنى احداً مطلقاً ، بل انها لا تقدم ولا تأخر .. ولكنها الأفيون الذى يسمح للشعب بتعاطيه , ويسمح للعلماء بالأجابة عنه .. اتقاء لفتح باب اسئلة لا يجرؤ أئمة هذا العصر الأجابة عنها .. اذكر خطبة لأمام مسجدنا يوم الجمعة فى نفس الأسبوع الذى استشهد فيه الدكتور عبدالعزيز الرنتيسى كان موضوعها .. فضل قول " سبحان الله ... " ، الى هذا الحد ينفصل الخطاب الدينى عن ما يجرى حولنا من امور تشغل بال الشباب الخالى اصلاً من
اى قضية هامة تشغله .. فلا عمل ولا أمل

يخشى العلماء الأجابة عن اسئلة شائكة ، يكفى مجرد اثارتها لزجر صاحبها واعلان ردته


كيف يكون الأسلام دين ودنيا ؟ بخطاب مفصل علمى واضح لا لبس فيه ولا زجر ؟
الأسلام هو الحل .. كيف يكون ذلك ؟ ثقافياً واجتماعياً وسياسياً واقتصادياً فى ظل متغيرات تدير رؤوس اعتى الرجال ؟
النص القرانى هل هو نص لكل المكان والزمان ام انه مرتبط بحدث وقتى " وهو ما تحدث عنه الدكتور نصر ابوزيد .. واعلنت ردته عن الأسلام؟ "
اذا كان النص القرانى لكل زمان ومكان .. نريد شرحاً واضحاً لا غموض فيه وبشكل بسيط لبعض ما نجده من امور تبدو فى ظاهرها متناقضة ؟
الحديث الشريف .. الى اى حد يجب الأعتماد عليه عند اطلاق الأحكام ؟
ماذا تعنى تطبيق الشريعة الأسلامية .. هل هى فقط حدود الردة .. الرجم وقطع اليد والجلد ؟
نعيب على اليهود انهم يقولون انهم شعب الله المختار .. الا نقول عن انفسنا " خير امة اخرجت للناس " ؟
كتب التفاسير العتيقة .. الى متى يجب ان تكون هى مرجعيتنا ؟ الا توجد تفاسير تلائم العصر باعتبار ان القران صالح لكل العصور ؟
التاريخ الأسلامى الممتلئ اموراً صاخبة وحروب طاحنة بين صحابة رسول الله .. الا يجب اعادة النظر فى قرأتها دون التسلح باحاديث لا يدرى احد مدى صحتها ؟
التعليم الدينى فى المدارس الذى بات قاصراً على بعض المدرسين ( مسلمين او مسيحيين ) من غير المتخصصين ؟ يلقنون الطلاب مناهج فى منتهى السخف والحمق ؟ ويفتون بأراء شخصية كفيلة بتدمير عقول الأطفال الذين يتلقون ذلك منهم ؟
الى متى يظل الدين اداة فى يد الحاكم يحرك بها الشعب كيف يشاء .. فتارة ابى ذر الغفارى زعيم الأشتراكيين ، وتارة اخرى عبدالرحمن بن عوف وعثمان بن عفان كرأسماليين من الصحابة ؟
اين دور كلمة حق فى وجه امام ظالم ؟
الأزهر .. هل بات اليوم فعلاً هو مرجعيتنا الدينية الأساسية ؟

مئات من القضايا الشائكة التى يتجنب علماء الدين الحديث فيها ، خوفاً وطمعاً .. خوفاً من سيف المعز وطمعاً فى ذهبه

ان ما حدث فى محرم بك .. هو من اعراض امراض الحساسية المزمنة التى تصاب بها الشعوب فى عصور الأنحطاط .. فقط الحرية والعدل هما الكفيلين بالقضاء نهائياً على امراض الحساسية بين افراد الشعب الواحد .. واشهر الأمثلة التى نسوقها فى ذلك هما نموذج " عمر بن الخطاب" و" عمربن عبدالعزيز " لنقفز بعدها مئات السنين الى عصرنا الحالى فى اوربا وامريكا

هناك اخطاء ترتكب من كلا الطرفين ويصران عليها اشد الأصرار

لا زالت الدولة تصر على وضع خانة ( مسلم ومسيحى ) فى بطاقات الهوية .. وهو احد العوامل التى تثير مراكز الأستقبال لدى مصابى الحساسية الوطنية

لازال البعض يتشنج حين يرى احتفالاً دينياً مسيحياً عبر شاشات التليفزيون المصرى .. فين حين ان اشد المسلمين معصية وبعداً عن الدين لن يتأثر لما يحدث قط ولن ينجذب الى ما يحدث من طقوس

لازال بعض المسلمين يرى ان فى الأمر خطورة ان تبنى كنيسة هنا او دار عبادة مسيحية هناك .. وكأن دور العبادة تلك سوف تتخطف المواطنين وتجبرهم على اعتناق مالا يريدون .. او ان حملات تبشير مستمرة سوف تخرج شخصاً سوياً عن دينه

لازالت الكنيسة المصرية تصر على وضع الصليب على يد الأقباط .. وكأنها تخشى عليهم الذوبان فى نسيج المجتمع

لازال الأخوة الأقباط يتعاملون بنوع من الحذر الواضح والريبة تجاه كل ما هو مسلم .. اللهم الا بعض النخب التى تملؤها الثقة بنفسها
لازال الأخوة الأقباط مصرون على انهم ممنوعون من المناصب الحساسة فى الدولة .. ولا يرون ان كل المصريون ممنوعون منها .. اللهم الا من رحم ربى .. او كان له " ظهر" من اهل الثقة

لازال الأخوة الأقباط لا يفهمون ان التعصب جزء من التركيبة البشرية .. لم ولن تحل ابداً ..( داخل الأقباط بين ارثوذكس وكاثوليك وبروتستانت ) ومشكلات الانجليز والايرلنديين .. خير دليل ايضاً على ان التعصب لا يفرق بين احد ، وداخل المسلمين انفسهم .. هناك تعصب اعمى بين طائقة وطائفة .. بل وداخل الطائفة نفسها هناك تعصب .. يراق على جوانبه الدم .. صعيد مصر خير دليل على ذلك .. وخلافات القبائل الصعيدية بين اشراف وعرب وغيرهم خير دليل على ان التعصب جزء من النفس البشرية تزكيه دائماً اجواء القمع والكبت .. وينمو فى بيئات تعانى امراض الحساسية المزمنة

لا زال الطرفين ( مسلمين ومسيحيين ) تنتفض اجسادهم وتنتفخ عروقهم عند سماع حالات انتقال من عقيدة الى اخرى .. وكأنها نهاية الكون وبداية فناء طائفة لحساب اخرى ، وينسون ان العقيدة الدينية اشد عمقاً وارسخ من مجرد افراد ينتقلون من هنا الى هناك والعكس .. فمن محمد على كلاى ومالكوم اكس الى وفاء قسطنطين اكاد اجزم ان اعتناق الأسلام كان هروباً من مشكلات لا اكثر .. وهو لم ولن يضيف الى المسلمين قد انملة .. فالمسلمين اكثر من مليار نسمة .. لن يؤثر عليهم سلباً او ايجاباً اعتناق الوف اخرين الأسلام .. فالأسلام فى غنى عن هؤلاء اذا كان الأمر هروباً لا اكثر .. وهو الأمر الذى يدعو للدهشة حين تشاهد الفرح الأحمق الذى ينتاب البعض عند اعلان اسلام هذا او تلك .. ان هذا لا يثبت للآخر ان الأسلام دين الحق .. فالأسلام لا يحتاج الى اثبات من احد ولا اثباتاً لأحد . نفس الأمر حين تنطلق اخباراً بأن فلاناً او علاناً ترك الأسلام .. فتجد جحافل من الغاضبين وكأن خروج شخص سيهدم الدين .. وكأن الأسلام كيان هش ينهار اذا ما تركه فرد او حتى ألوف الأشخاص .. ولننظر الى الملكة نازلى ( ام الملك فاروق ) التى اعتنقت المسيحية فى اواخر ايامها وماتت عليها .. هل اضير الأسلام فى شئ .. لماذا نخشى من شئ كهذا .. حسابها عند ربها هو اعلم بحالها الآن وهى تحاسب وحدها على اختيارها ايا كان .. نفس الأمر حدث مع سلمان رشدى .. الذى نادى الأمام الخومينى بهدر دمه .. جاعلاً منه .. شهيداً حياً ونموذجاً لقسوة المسلمين .. بالله ما الذى اضرنا كمسلمين من خروجه عن دينه ... وماذا فعلت اياته الشيطانية .. لا شئ مجرد ذرة غبار فى صفحة السماء الواسعة

لا زال الطرفين ( مسلمين ومسيحيين ) لا يدركون ابعاد الأمر ولا القدرة على رؤية الصورة من كل جوانبها .. المسلمون فى مصر اغلبية وتلك حقيقة لا اعتقد ان الزمان قادر على تغييرها .. حين تمارس الديموقراطية – وهو ما نصارع من اجله – فى مصر ، تبقى حقيقة مؤكدة وهو ان الأغلبية هى التى لها اليد العليا .. هكذا لعبة السياسة وهكذا تمارس فى كل دول العالم .. فلا ننتظر رئيساً مسلماً لأمريكا وبها 8 مليون مسلم .. لأن الأغلبية لن تقبل ذلك .. ويجب ان يقبل الأقباط تلك الحقيقة دون ممارسة ضغوط خارجية او داخلية .. او انتزاع اعتراف بحقوق لا تمنح قسراً .. لندع الأمر للعرض والطلب بلغة الأقتصاد .. ولنمارس نوعاً من الحرية فى الأعتقاد والأعلان عن هذا الأعتقاد .. ولنقبل النتائج دون الشعور بالخطر من قبل المسلمين او الأضطهاد من قبل الأقباط

افنى الشيخ احمد ديدات – رحمه الله – عمره ، فيما اظنه علم لا ينفع وجهل لا يضر .. فما الذى اضافه للأمة وللأسلام وللمسلمين انفسهم بمناظراته وكتبه التى تحاول اثبات خطأ ما يعتنقه الآخرون .. أرى ان كتاباً مثل " شبهات حول الأسلام " للمفكر الأسلامى محمد قطب .. هو اجمل الف مرة من كل عاش احمد ديدات له طوال عمره .. هو محاولة الرد على شبهات تثار حول الأسلام من صلب الأسلام وبردود قاطعة مقنعة لا مساس فيها لعقيدة اخرى .. فيما يجعل العمل نموذجاً للرقى والتسامح عند المخاصمة .. وهو ما يفعله الدكتور محمد عمارة وغيره من المفكرين الأسلاميين المعتدلين
مرة اخرى .. تبدو الكلمة السحرية .. الحرية .. والعدل .. هى العلاج الناجع لأمراض الحساسية المزمنة التى نعانى منها داخل الوطن ، فالعالم حولنا يشتعل من كل جانب .. وآخر ما نريده الآن ان تشتعل النار فى ملابسنا بأيدينا .. وسياسة فرق تسد التى مورست فى لبنان .. وتمارس فى العراق حالياً وفلسطين بين الأشقاء .. تبدو ظاهرة للعيان .. لا نريد حريقاً بداخل البيت فيكفينا ما نحن فيه .. نحن بحاجة للحفاظ على قوتنا من اجل معركة التغيير ومعركة البناء .. دعونا نتعامل كبشر .. ان يعتقد كلاً منا فيما يريده وبالشكل الذى يريد .. وان يحترم كلاً منا الآخر واختياراته .. ولتكن نتيجة اختياره هو امر متروك له شخصياً .. لنتفق ان العدل والحرية كفيلين فعلاً بالقضاء تماماً على مشكلات فرط الحساسية لدينا .. وقى الله مصر شر ابنائها

٢٠٠٥-١٠-١٦

مركز الأرض


يعقد
مركز الأرض لحقوق الأنسان
ورشة عمل حول
" المشاركة السياسية وانتخابات مجلس الشعب فى مصر "

يوم الجمعة 21/10/2005
فندق حورمحب 429 شارع الأهرام – الجيزة
للمعلومات : الأتصال / ت 025750470

المشاركين

منير فخرى عبدالنور – حزب الوفد
محمد عبدالعزيز شعبان – حزب التجمع
حمدين صباحى – حزب الكرامة العربية ( تحت التأسيس )ا
زينب الشيخ – الحزب الوطنى الديموقراطى
حافظ ابوسعده
نجاد برعى
د/ يسرى مصطفى

٢٠٠٥-١٠-١١

مصر .. بين ثلاث


هناك ثلاث اسماء فى مصر الآن يدور بينها صراعاً ضارياً .. كان هذا الصراع خافياً او معلناً .. كان بتخطيطهم او هم وجدوا انفسهم فى حالة الصراع بحكم تواجدهم فى زمن واحد وفى توقيت واحد مثير للجدل .. مسيل للعاب

عمرو الخالد ..( 38 عاماً ) الداعية الأسلامى الشاب ، مجدد الخطاب الدينى الذى تيبست اطرافه وثقل لسانه – الخطاب لا الرجل – عند ألف عام مضت ، ولازالت كتب التفسير والفقة الأشهر هى لأبن تيمية وابن كثير وابن القيم الجوزى وغيرهم ، لم يجدد احد هذا الخطاب ولم يعد احد التفسير طبقاً لظروف العصر ولازلنا نبيت ونصبح فى دوائر من الجدل الأحمق الامنتهى حول شرعية فوائد البنوك ، فالختان .. انتهاء بموضع اليد عند الصلاة وجواز مصافحة المرأة الأجنبية وهل ينقض احمر الشفاه الوضوء ام لا .. الى اخر ما شلغنا به انفسنا من توافه الأمور ، حتى من كان لهم فضل احداث تجديد فى الخطاب الدينى ، لم نستطع ان نُجمع عليهم .. بدءً بالأمام محمد عبده الذى ترفضه بعض الأطراف الأكثر تشدداً ، وانتهاء بكلاً من حسن البنا الذى اغتيل على يد الحرس الحديدى للملك فاروق ، وسيد قطب صاحب العملين الأشهرين " فى ظلال القرآن الكريم " ، " التصوير الفنى فى القرآن الكريم " الأضافة الأحدث فى مكتبة تفسير القران وبيان روعته .. وهو الذى اعدم فى عهد الرئيس عبدالناصر.
استطاع عمرو خالد .. ان يحدث وضعاً اشبه بالفيضان فى ارض كادت ان تجف وتموت نبتاتها ، كالغيث الذى ينزل على تائه فى صحراء لم يشرب الماء منذ ايام واشك على الهلاك .. واستطاع حشد الاف من المريدين والمعجبين فى اقل من خمس سنين ، وهو ما اثار مخاوف النظام فى مصر من تكرار ظاهرة حسن البنا والأخوان المسلمين الصداع الدائم فى رأس النظام المصرى .. وكان ان تعامل معه النظام بنفس العقلية البوليسية المستمدة من تاريخنا الفرعونى العتيد .. فبدء بالتضييق ثم المنع واشارات الأنذار الخفية التى ادت بالرجل الى الرحيل عن الوطن آثراً استكمال دعوته من لندن ولبنان وغيرها من الدول . ما احدثه عمرو خالد فى المجتمع المصرى وتأثيره على قطاع عريض من الشباب المصرى خاصة والعربى بشكل عام جعله مصدر خطر للعديد من الأطراف المحلية ولن اتجاوز القول اذا قلت وحتى الدولية .. ففى حديث تليفزيونى لعمرو خالد مع الصحفى " مجدى مهنا " ببرنامج " فى الممنوع " بقناة المحور ذكر – الصحفى – ان هناك تقريراً نشر فى صحيفة اسرائيلية يخلص الى ان " ضعوا اعينكم على هذا الرجل " وحرى بالقول أن كل حجراً يلقى فى مياهنا الراكدة ويحدث حركة من نوع ما .. هى تحت اعين الأصدقاء الأمريكان بحكم تواجدهم المستمر بين احضاننا فى مصر والعالم العربى كله
فى نفس الحديث التليفزيونى السابق .. ذكر عمرو خالد انه قرر الرجوع الى مصر والأستقرار بها بعد غياب ثلاث سنوات تقريباً قضاها بين لندن وبيروت .. لم يحدد عمرو خالد اسباب واضحة لعودته، قال بشكل غامض ان الوضع فى مصر تغير ومستمر فى التغير خاصة بعد الأنتخابات الرئاسية .. وهوما يطرح تساؤلاً عن دور " لجنة الحكم فى مصر " فى هذا الموضوع ، وهل اعضائها رجال الحرس الجديد ورأسهم " الأبن " خلف هذا الموضوع فى محاولة لأستقطاب واحتواء " ظاهرة عمرو خالد " ام ان الأمر له صلة بانفجارات لندن وتبعاتها ..وضغط جماعات الرأى فى اوربا من اجل اخراج العرب منها .. او ان الأمر يحمل ما هو اكثر من ذلك فى ظل حالة الترقب التى تعيشها مصر الآن .. والتطلعات الواضحة فى العيون .. نحو كرسى الحكم فى مصر ، وهو ما نفاه عمرو خالد بشدة فى نفس الحوار .. سنترك الأيام تجيب عن ذلك

جمال مبارك .. ( 41 عاماً ) " الأبن " كما يحلو لجرائد المعارضة والجرائد المستقلة ان تسميه ، زعيم الحرس الجدد بالحزب الوطنى الحاكم ، أمين لجنة السياسات بالحزب او ما تسمى بـ " لجنة الحكم فى مصر " ل
بات من المعلوم تماماً ان ان تلك اللجنة هى المسيطرة على مقدرات الأمور فى مصر ، وان شئت الدقة هى فى يد " مبارك " الأبن تحديداً دون منافسة تذكر .. كل خيوط مسرح العرائس تنتهى بيده ويوماً بعد يوماً تزداد قبضته شده على اطراف الخيوط .. كانت مصر الى نهاية التسعينات وتحديداً 1998 راكدة تماماً رموز النظام الكريهه واعمدته لازالت تسيطر تماماً على الوضع تغيير هنا وتغيير هناك ، كبش فداء هنا وآخر هناك لزوم تجميل الوجه العجوز القبيح ، الى ان ظهر جمال مبارك فى الصورة قبلها كنا فقط نعرف الأخ الأكبر " علاء " ونسمع عن حكاياته وشركاته ومزاحمته حتى لفرشة بائعة فجل فى اسواق الخميس ، الى ان عاد الأخ الأصغر بعد عشر سنين غياب فى اوروبا قضاها فى العمل فى بنوك اجنبية فى لندن وغيرها .. عاد يحمل جنسية انجليزية " السيدة سوزان مبارك نصف انجليزية فأمها بريطانية الميلاد والنشأة وهو امر مؤكد "يتحدث الأنجليزية بطلاقة ، يتكلم لغة السوق ، مؤمن بالأقتصاد الحر وكل آليات رأس المال وحركته .. عاد الى مصر يدخل رويداً الحياة العامة فى مصر من خلال استقطاب الشباب " يبدو اننا ملطشة لكى مغامر باحث عن الشهرة والسلطة فى هذه البلاد " من خلال جمعية " جيل المستقبل " لتنهمرآلاف المنح المجانية على الشباب المصرى لدراسة لغة العصر .. تكنولوجيا المعلومات .. ليملع اسمه فى اقل من سنة ويصل اعضاء الجمعية ايضاً للآلاف من الشباب الذى انبهر تماماً بالفكرة وانتظر فرص العمل التى وعدت بها " جمعية جيل المستقبل لشبابها " ..( ابحث الآن عن الجمعية وما تفعله .. لاشئ ، هى كانت مجرد خطوة دخول الى الحياة المصرية ..جس نبض واثبات الوجود) ،ب
من جمعية جيل المستقبل الى المجلس المصرى الأمريكى الى لجنة السياسات بالحزب تنقل "ابن" الرئيس .. الشئ المثير فى الأمر ان اعضاء مجلس ادارة الجمعية " حفنة من رجال المال والاقتصاد " هم اعضاء المجلس المصرى الأمريكى فاعضاء لجنة السياسات بالحزب .. ليصير منهم بعد ذلك 7 وزراء فى وزارات الكتلة الأقتصادية فى عهد احمد نظيف القادم هو ايضاً بإيعاز من الأبن الى الأب .. وتمتد بعد ذلك اذرع لجنة السياسات فى كل ركن من اركان صناعة القرار فى مصر بل وفى كل موقع يُعتقد ان له دوراً قادم .. الثقافة .. الأعلام .. الأقتصاد .. المالية .. التجارة .. الأستثمار .. وباتت بعض المناصب الحساسة هى الباقية .. الدفاع والجيش .. الخارجية .. الداخلية .. وهو ما سوف يتم حسمه فوراً بعد الانتخابات البرلمانية القادمة ( ويبدو انه يتم الأعداد لشخص مثل عمر سليمان القادم من الكواليس ليصبح رجل مبارك الأبن فى المؤسسة العسكرية ) تصبح بعدها مصر " اندركونترول " كما يقول ابراهيم عيسى فى جريدة الدستور، بعدها تصبح لجنة السياسات بالفعل هى لجنة الحكم فى مصر شئنا ام ابيناً .. ليأتى بعد ذلك الأعداد لأنتخابات رئاسية ( حرة ونزيهة وديموقراطية ) .. ويلبس المصريون " العمة " لثلاثين عاماً قادمة .. اذا اراد الله بنا السوء .. حفظ الله مصر من ذلك الكابوس

ايمن نور ( 40 عاماً ) نموذج لشاب الطموح هو محركه الأساسى .. سياسى من الطراز الأول تشعر حين تسمع حواراته بأنه قادر على المناورة بشكل بارع .. يتعمد محاوريه احراجه بأسئلة – يعتقدون انها قاتلة – ويفاجأون بردود ذكية وقدرة عجيبة على صياغة الأفكار .. شخصية كاريزمية .. استقطب اسماء لامعة بنفس درجة استقطابه للشباب ، نجح النظام فى القاء الغبار على صورته بأقاصيص العمالة والتمويل الأمريكى والتزوير .. فصدق العديد من الناس فى مصر تلك الروايات الساذجة .. لكن كاريزمته ليست فقط هى كل عوامل نجاحه ، فهو يقود تياراً معتدلاً يتحدث عن الحرية وتداول السلطة يحمل فكراً ليبرالياً هو الأنسب فى حالة النموذج المصرى والقادر على الخروج بها من عنق الزجاجة اللعين الذى بات يخنقنا يوماً بعد يوم ، هو بطل مؤثر فى مسرح الأحداث فى مصر الآن .. وُضع ايضاً تحت منظار كلاً من الأصدقاء الأمريكان وابناء العم فى اسرائيل .. فطموحه قادر على الوصول به يوماً الى كرسى العرش فى مصر ، هذا اذا لم يمت فجأة فى حادث سيارة قضاء وقدر ، هو منافس ليس بالسهل لمبارك الأبن خاصة بعد حالة الغزل الصريح التى مارسها معه الأمريكان وهو ما استغله النظام فى مصر ضده .. اذا قُدر لأيمن نور يوماً الوصول لكرسى الحكم فى مصر.. فأن اكثرما يخشى منه هو " حالة الفرعنة " داء المصريين العضال التى قد تصيبه وتحوله ايضاً الى فرعون لا موسى المنتظر ، وليس اقاويل من نوع عدم الخبرة ، علاقته بالأمريكان وغيرها

ان مشكلة سبعة الاف عاماً من العبودية والسخرة ، لن تحل بين عشية وضحاها .. تحتاج بعض الوقت وتحتاج الأهم من ذلك الى رجال حقيقين قادرين عن صياغة اسس لعلاقة صحية بين الحاكم والمحكومين .. لا مجال فيها للحديث عن الخليفة ، او قميص عثمان الذى ألبسه له الله ، او لوجوب طاعة الحاكم ولو كان فاسقاً الى كل ذلك من فتاوى أئمة السلطان .. لعنه هذا العصر .. ايضاً لا مجال فيها للحديث حول العروبة الجبرية وتوحيد قصرى لقطيع من الأغنام الشاردة فى كل اتجاه .. علاقة تكون اوضح ما فيها انه لا فرعون بعد اليوم .. لا خليفة بعد اليوم .. واننا بشر ننتقى افضل من فينا كى يقودنا فترة محددة بعدها يعود الى صفوف المشاهدين مرة اخرى ، علاقة يكون اهم ما فيها مصر أولاً .. فلن نستطيع ان نفعل شيئاً للعراق وفلسطين وسوريا والسودان وغيرهم ونحن فى حالة الكساح والشلل الحالية .. علينا ان نبدأ بأنفسنا أولاً ولتكن دولاً مثل ماليزيا ، كوريا ( جنوبها وشمالها ) ، الصين هى القدوة .. فى زمن لا مكان فيه للضعفاء والفقراء
تبدو الأيام القادمة اياماً ساخنة .. ويشهد المسرح السياسى المصرى حركة نشطة ( بين شعارات صناع الحياة ، وجيل المستقبل ، والغد )،لاندرى الى اين تحط بنا الرحال ، لكن الشئ الظاهر بقوة أننا سوف نستمر -كشعب - فى لعب دورنا الشهير .. كومبارس لزوم تظبيط النجم أيا كان صفته .. ثم جمهور من المصفقين لكل من يعتلى الخشبة .. متيمين بالحاكم الفرعون الآله شاكرين مسبحين له .. مهتمين أكثر بأمور جلل حول هل دخول الحمام بالقدم اليمنى سنة ام فرض ، وحكم ما اذا احدث الأمام حدثاً اكبر او اصغر !! .. حفظنا الله لحكامنا .. فلن يجدوا شعباً فى مثل بلاهتنا

٢٠٠٥-١٠-١٠

المسرح

فى واحدة من نوبات السفر عبر الخيال .. اغمضت عينى وتذكرت كلمة للفيلسوف الشهير برتراند راسل .. عن الحياة .. عن من يعيش الحياة وكيف يعيشها
تخيل انك - ودون ارادتك - وجدت نفسك فى قاعة مسرح ضخم مدعواً للمشاركة فى حدث ممتد .. شئت ام ابيت .. هو ممتد الى آخر لحظة فى عمرك
تخيل ان القاعة مغلقة .. لا سبيل للخروج منها إلا بأرداة لست تراها ولا تملك ان تطلب منها الخروج .. فقط حين يحين ميعاد خروجك
بدأ العرض او بمعنى أدق .. بدأت انت تدرك ان العرض بدأ.. قبل دخولك ، منذ فترة طويلة
المكان مزدحم .. ممتلئ بالبشر .. ليس هناك حداً فاصلاً بين الممثلين والمشاهدين .. الأضاءة خافتة حيناً .. ومبهرة احياناً اخرى ..
المؤثرات الصوتية .. تحيطك من كل جانب .. القليل من الوقت , وتلاحظ بالفعل ان لا حدود بين المشاهدين ومن على خشبة المسرح .. يختفى البعض فجأة .. دون ان يدرى احد .. يسمح بالخروج من المكان لمن جاء دور خروجه .. والأرادة التى لست تراها هى من تقرر ذلك .. يختلط الحابل بالنابل ، فالمشاهدين على خشبة المسرح .. ومن كانوا على الخشبة ابطالاً للرواية .. فجأة تحولوا الى مشاهدين ، او ممثلين ثانويين ، او خلف الكواليس يؤدون ادواراً لا يراها الكثير من الحاضرين
المكان صار صاخباً .. مزدحماً .. كريهاً .. اصواتاً مزعجة .. انفجارات .. مشاهد حرب .. لون دماء .. بشر من كل الألوان .. لا تعرف هل هم فى حالة ضحك ام بكاء .. تجد من كان يلعب دور الصديق منذ دقائق صار الآن فى مشهد العدو .. يحمل خنجراً خلف ظهرة وابتسامة عذبة فوق شفتيه ينتظر اللحظة الحاسمة
ممثلون يرفعون كتب سماوية .. وآخرون يحملون السيوف .. الجو يزداد سخونة ورطوبة .. ورائحة عرق وبارود تفوح فى الجو
فجأة ترى عائلتك فى احد الأركان البعيدة .. جزء من حالة التمثيل التجريبيى الذى يجرى امامك .. حيث الجمهور هو البطل .. وحيث كل المكان هو قاعة العرض وخشبة المسرح
احدهم .. يمسك اخاك فى ركن .. وقد اشبعه ضرباً حتى تشعر ان روحه توشك ان تزهق
ابن عمك .. ترى وجه تحت جنزير مدرعة اشبه بمدرعات الحرب وقد انفجرت رأسه .. وصار جسده اشلاء
اختك .. امك .. بنات عائلتك مربوطون الى حبل واحد فى انتظار مصيرهم الذى تخشى ان يكون هو ما تفكر فيه
تقف مذهولاً .. لاتدرى اهذا الذى يحدث .. جداً ام هزلاً
اتشاهد عرضاً تمثيلاً تجريباً .. لا حواجز بين مكونات العرض .. ام انك فى حلم تريد الأستيقاظ منه ولا تستطيع
تخيل كل ذلك .. وحاول ان تجيبنى
هل تستطيع فى وسط هذا العرض ان تغلق عينيك وتنام ؟
هل تملك القدرة ان تغمض عينيك وتضع رأسك على ظهر الكرسى الذى تجلس عليه مسترخياً وتقول .. هو عرض مسرحى لا اكثر له مخرج يديره .. هو بدأه وهو الأقدر على انهائه ؟
هل تسطيع حقاً ان لا تتأثر بما يحدث حولك ؟
هل تستطيع ان تنسلخ من هذا كله ، وتخرج مسبحتك وتتلو اذكارك ضارباً عرض الحائط بما يحدث ؟
هل يستطيع عقلك محو صورة اخيك وابن عمك من هذا المشهد - وتحمدالله على سلامتك ؟
ماذا عن بنات عائلتك اللائى تراهن اقرب الى السبى منهن الى الحرية ؟
هل تستطيع السكون فى انتظار ان يأتى دورك - حين ارادة القوة الخفية - كى تخرج من العرض الى حيث لا تدرى ؟
هل تستطيع ان تنام هكذا بكل يسر فى نفس مكان العرض هذا ؟
يبدو المكان كريهاً .. لكنك غير مخير فى البقاء او الذهاب .. انت ملزم ان تظل الى ان يحين ميعاد خروجك
اشعر بالاختناق لفكرة تواجدى فى مثل هذا المكان
اود الخروج .. ولا استطيع
اود النوم .. لكنه مستحيل
اود الصراخ .. لكن لا حنجرة لى
اود ان افعل شيئاً كى اوقف هذا الألم
اكتشف انى مقعد
مشلول

٢٠٠٥-١٠-٠٩

ايلول

ايلول .. سبتمبر رحل هذا الشهر منذ ايام .. له فى التاريخ العربى ايام لا تنسى

سبتمبر 1969 .. قتالاً طاحناً بين الجيش الأردنى والحركات الفلسطينية بالأردن .. ومئات الشهداء ، فيما سمي باحداث ايلول الأسود ودماء الأشقاء العرب تسيل بيد بعضهم البعض
سبتمبر 1970 .. وفاة عبدالناصر .. على الرغم من اخطائه وتجاوزات حدثت فى عهده يبقى الرئيس المصرى الأكثر حرصاً على الناس .. البسطاء منهم
سبتمبر 1981 .. السادات يعتقل المئات من النخبة المصرية .. من اقصى اليمين الى اقصى اليسار ، لتكون القشة التى قصمت ظهر البعير وبعدها بأيام فى السادس من اكتوبر.. يسقط مقتولاً فى قمة مجده وابهته
سبتمبر 1991 .. العراق تم الأجهاز عليه وفرض عقوبات تستمر احد عشر عاماً تالية ..
سبتمبر 2001 .. امريكا تحت الهجوم .. وبداية الحملة الصليبية الثامنة .. حرباً لا هوادة فيها على الأرهاب الأسلامى
سبتمبر 2005 يقسم مبارك للمرة الخامسة على صيانة الدستور والحفاظ على الوطن ..
يبدو ان ايلول هذا يزداد سواداً كل عام ..
ترى ماذا يخبئ لنا ايلول القادم .. واى سبتمبر سيكون عليه عام 2006 ..
اذا قدر لنا العيش لهذا التاريخ
سنرى

حائر


استيقظ مثقلاً صباحاً .. كعادتى .. ارتدى ملابسى فى عجالة .. واشرب اخر رشفة من كوب الشاى الساخن .. اسمع كلاكس السيارة فى الخارج .. احمل شنطتى ، سلسلة مفاتيحى ، نظارتى .. واخرج ، نفحة من هواء الصباح تجعلنى اطرد بقايا النوم من رأسى .. ذلك الرأس الذى لا يريد ان يهدأ .. ولا يريد لصاحبه ان يهدأ ..اول ايام شهر رمضان غداً ..تبدو السعادة على وجوه الناس والكل ينادى الآخر .. كل عام وانت بخير
وانا ابدو كما انا.. لا سعيد ولا حزين .. لا شقى ولا مرتاح .. لا ارتاح للشك ولا املك اليقين .. دائماً اعيش فى تلك المنطقة .. البين بين ، كثيراً ما تساءلت عما اريده حقاً .. ولماذا اشعر طوال الوقت بنوع من الحنق والغضب .. الذى قد يكون مبرراً احياناً .. واحياناً اكثر غير مبرر .. سمعت الكثير من النصائح .. الكثير والكثير من التحليل .. ذهبت اسأل شيخ الجامع .. الصديق القريب .. والدتى .. بحثت عبر الأنترنت .. حاورت اناس لا اعرفهم .. فى برامج الفضائيات المتعددة .. بين الكتب .. لم اجد اجابة شافية .. او انى وجدت ومع ذلك وجدتنى غير قادر على ممارسة اطروحاتهم المختلفة .. وتبدو الكلمة الأنسب .. هى لا اعلم ، تختلف الأراء حسب كل خلفية للمتحدث .. كل يصف الدواء من وجهة نظره .. ومن زاويته ..من يحمل تراثاً قوياً من الثقافة الدينية .. يجزم ان الدين هو الحل .. ان الأسلام هو الحل .. يلقى الكلمة هكذا دون تفسير او شرح وبيقين احسده عليه .. حين ابدأ فى مناقشة الأمر معه .. وطرح اسئلة من نوعية كيف ولماذا .. يبدأ صبره فى النفاد .. والنظر تجاهى بشك عظيم .. ولسان حاله يقول .. زنديق ..لا يقبل من يتحدثون باسم الدين اسئلة محرجة .. واستفسار حول تناقض واضح تراه من وجه نظرك – ولا يجيبك احد عليه .. لا اتحدث عن الفقه والعبادات .. اتحدث عن تاريخنا الأسلامى الممتلئ اموراً جلل .. يكفى الحديث فى احداها لاعلان حالة الاستنفار .. واعلان ان بين الجموع مهرطقاً او زنديقاً .. سمعت جملة يقول مرددها انها حديث صحيح للرسول صلى الله عليه وسلم .. لم افهمها جيداً .. وبشكل ادق .. لم استسغيها ولم يقبلها عقلى بسهولة .. ساقنا الحديث نحو مفهوم الحديث الصحيح .. والى اى حد هو صحيح .. كان اخر سؤال سألته لصاحبنا .. أليس الأمام البخارى ومسلم .. صاحبى الصحيحين .. بشراً .. أليس كل البشر يخطئ مهما بلغت دقته .. لاسيما ان بين الأمامين وبين قائل الحديث – صلى الله عليه وسلم – اذا صح نسبه له عليه السلام .. اكثر من مائتى عام .. اكفهر وجه صاحبى وكأنى نطقت كفراً .. دعا لى بالهداية وقراءة القرآن وتْرك ما اقرأه من كتب .. ابتسمت ولم اجب
مساءاً .. القيت رأسى على وسادتى ابحث عن النوم .. جافانى قليلاً .. قررت استكمال قرأتى لكتاب " لا تحزن " للدكتور عائض القرنى .. احب هذا الكتاب .. يثير فى حالة من السكينة لكنها وبكل اسف .. اشبه بقرص الأسبرين .. يزيل الألم .. مؤقتاً .. يعود بعدها الألم مرة اخرى ومرات .. يفعل بى الكتاب فعل المسكن .. الرضا .. الزهد .. القضاء والقدر .. الأيمان .. اليقين .. يا شيخى الفاضل .. لوكنت املك القدر الكافى من كل ذلك ما احتجت كتابك ..
يعود السؤال بألحاح اقرب للصداع المزمن .. لماذا اشعر بالغضب .. لماذا كلما جلست الى نفسى قليلاً .. شعرت بنفس حالة الحنق والقلق .. اتأمل كثيراً فى الوجوه اللامعة المغسولة فى برامج الفضائيات .. الضحكات الصاخبة .. والعيون اللامعة .. والرقص الهستيرى .. هل تراها صادقة فى ذلك .. هل هم سعداء حقاً .. لا اعلم ، كنت قد رددت قبل فترة على صديق ارسل عبر مجموعتنا البريدية .. حول لماذا يفكر البعض فى الأنتحار .. اجبته ساعتها .. بما اود ان اقوله لنفسى .. وبما اود ان انصح به نفسى .. كان حديثى موجهاً لى اولاً .. وله ثانياً .. اعلم انه كان مبالغاً فى سؤاله .. ففكرة الموت هرباً .. تبدو سخيفه لأقصى حد .. فالتحدى فى ان تعيش وتحارب من اجل ما تريد .. فقط تبدو المشكلة فيما تريده تحديداً .. ولأى جبهة تنحاز .. وأى معركة تحارب.. وتبدو فى الأفق صورة " دون كيشوت " لسيرفانتس .. كنموذج لما يمكن ان تكون عليه العيش فى حالة المعركة .. المعركة الخطأ
الخطاب الدينى .. غير شافى .. خطاب رسمى .. متعالى يعيش فى ابراجه العاجية .. والأزهر رأس المؤسسة الدينية فى مصر فقدت الكثير من مصداقيتها .. واصبح على رأسها شيخ المبايعين الذى ما ان ارى ابتسامته الباهتة وطريقه كلامه .. الا وانتابتنى موجه من موجات الضحك .. وشعرت بأنى أمام ممثلاً يؤدى دور شيخ فى مشهد هزلى .. حتى عمرو خالد .. من جدد قليلاً فى اسلوب الخطاب ونوعيته .. اجدنى لا اتفق مع بعض مقولاته .. فلا افهم كيف يمكن ان يتحقق العدل فى الأرض فقط اذا ما وصل المصلون فى صلاة الفجرالى نفس عدد مصلين صلاة الجمعة مثلاً .. هب ان هذا لم يحدث .. الا نبحث عن العدل بطريقة اخرى .. الا نفكر بأن ننتزع هذا الحق بأيدينا .. لا اعلم
حزب الغد .. فى دائرة الصراع الداخلى .. اشتعلت الحرب الأهلية بين جنباته .. اشعر بأنى اسمع صوت ضحكات صفوت الشريف خلف الكواليس .. ترى هل ستقوم للحزب قائمة ام تراه دخل مقبرة الأحزاب بين رفاقه .. مصر الفتاه .. العمل .. الأحرار .. الوفاق .. العدالة الأجتماعية .. لا اعلم
احمد الفيشاوى .. قفز هذا الأسم الى ذهنى فجأة .. هدأت زوبعة قضيته .. او تراجعت بفعل مسرحيات اشد تشويقاً كانت تمر بها مصر خلال الأشهر السابقة .. واتوقع ان تعود القضية الى الأضواء قريباً .. فلابد من شغل قطعان البشر فى مصر بقطعة لبان يلوكها الفم .. ويشغلون بها انفسهم .. بعد انفضاض مولد الديموقراطية والمهلبية .. واعلان المبايعة للأب والأبن والروح القدس .. يقفز اسم احمد الفيشاوى الى ذهنى .. واتأمل حاله وحال رفيقته او زوجته او صديقته او عشيقته .. هند الحناوى .. شباب نادى البعض برجمهم .. واخرون بصلبهم .. وقليل بشنقهم .. وانقسم الناس بين فريقين .. ذكورى وانثوى .. حناوى وفيشاوى .. وانفجر الوضع بين المنادين بحقوق المرأة .. والمنادين بحقوق المجتمع والدين والناس ..الفيشاوى وحناوى .. كلاهما فى سلة واحدة .. كلاهما مفعول به .. كلاهما ظالم وكلاهما مظلوم .. ظالم لنفسه .. ومظلوم من كل الأوضاع السيئة التى حولنا .. هم ليسوا بالقطع نموذجاً للشباب المصرى .. لكنهم – وبلا مبالغة – يمثلون حالة التشتت واللافهم التى يعانى منها مجتمعنا .. واقصد تحديداً شبابنا ..." نحن" ، تضج المجتمعات العربية بصراع مكتوم .. انفجر مع انفجار ثورة المعلومات والاتصالات .. فقد انكشفت ورقة التوت التى كانت تستر عوراتنا ... وانكسرت قشرة البندق الرقيقة التى كنا نحتمى بها .. وكما يحترق مصاصو الدماء فى الروايات الأسطورية عند تعرضهم لضوء الشمس المباشر .. احترقنا نحن عند تعرضنا لأشعة الثقافة الوافدة من كل صوب وحدب تجاهنا .. وثار السؤال الأصعب .. من نحن .. ولأى اتجاه نسير .. لا اعلم
يقف الشاب العربى .. غنيه وفقيره .. شرقيه وغربيه .. شاميه ويمنيه ... مشدوداً بين اتجاهين مختلفين كل يجذب فى اتجاه وبقسوة وعنف لا تقوى اجسادهم على احتمالها .. اتجاه يجذب تجاه الشرق .. يمثله جيل الأباء من عاشوا ثقافة الأنغلاق .. اتجاه ولى شبابه .. ويعيش كهولته ويطلب منا ان نعيش شبابنا فى كهولتهم .. وينادى بقيم الدين وثقافة الشرق .. كغلاف .. بيوت عنكبوت .. يطلب منا العفة والفضيلة .. والصوم الجبرى دون ارادتنا فى عالم باتت فيه ثقافة التيك اواى ثقافة الجيل بلا منازع .. يطلبون منا الرضا والقناعة وقبول القضاء والقدر .. يطلبون منا انتظار الثواب فى الحياة الآخرة .. وحولنا لا يرتفع الى عنان السماء الا كل قواد او عاهرة .. فى كل مجالاتنا فالقوادة والعهر السياسى والأجتماعى والثقافى .. اشد وطأ من العهر والقوادة بمعناها الحرفى .. يطلبون منا ان نعلب دور الشيخ .. فى فيلم بورنو .. وهو الشذوذ بعينه..واتجاه آخر يجذب وبنفس القسوة فى الاتجاه المضاد .. يحمل معنى براقاً جذاباً .. الحرية .. التمرد .. وهما وقود حياة الشباب .. اتجاه يحمل قيماً مضادة لكل قيم القبيلة وثقافة القبيلة التى نشأنا عليها .. اتجاه يدعوك لأن تعيش الحياة الدنيا .. ان تتحرر من الشرق وعقده ومشكلاته وثقافته المزدوجة .. التى تغفر لك ان تمارس فى السر ما لا تغفره لك علانية .. ثقافة النعامة التى ما ان تشعر بالفزع حتى تدفن رأسها بالرمال .. فالمهم ليس حجم الخطر ولا مدى اقترابه .. ولا مدى تأثيره .. الأهم .. عدم رؤيته .. ثقافة تقتحم حياتنا بقوة وبعنف .. تتسلل كالهواء .. تستنشقه آلياً ايا كان ما يحمله .. ثقافة تدخل كالشمس مهما حاولت ان تستظل منها فسوف تشعر بحرارتها ولهيبها .. ثقافة تهاجم بقوة .. وانت لا تمتلك وسيلة دفاع .. اللهم الا احاديث الماضى السحيق .. واحلام حول عدالة ابن الخطاب .. ونزاهة بن عبدالعزيز.. وهكذا نتوه .. كما تاه الفيشاوى- الحناوى .. بين اتجاهين .. اتجاه يجذبنا نحو ماضينا وسلفنا يدعونا للآخرة وحسن المآب .. ويسلحنا بالعصى والحراب واوراق التوت .. واتجاه يجذب بقوة طاغية نحو الأتجاه المضاد .. يدعوك للحياة .. للحرية .. للثورة على كل تابوهات الشرق البائس .. ومع ذلك لا نملك ادواته ... ولا نعرف كيف الحصول عليها .. ينغص علينا استمتاعنا – اذا ما اردنا الأستمتاع بها – الجذب القادم من الأتجاه الآخر .. وقيود نشأتنا وما تربينا عليه .. ابدو غير مدرك لما اقول .. غير قادر على صياغة افكارى .. ربما حيرتى بين الأتجاهين هى السبب .. واحد اسباب قلقى عدم قدرتى على حسم المعركة بينهما .. واعتقد ان كلا من الفيشاوى والحناوى .. عانا من نفس المعضلة .. لا اعلم
اود ان استسلم للنوم منذ اللحظة الاولى التى اضع فيها رأسى على الوسادة.. اود ان يكفى رأسى عن الغليان .. أود ان لا افكر فى شئ .. ان لا اهتم بشئ .. تزداد الأمور صعوبة مع الوقت ، هل الحل ان لا اعرف .. ان اكف عن القراءة .. مشاهدة الأخبار .. ان انكفئ على ذاتى .. سأحاول .. لعلى استطيع النوم

٢٠٠٥-١٠-٠٢

بين المطرقة والسندان

اذاعت قناة الحرة الأمريكية- الناطقة باللغة العربية - برنامجاً حول الوضع فى العراق اسم البرنامج " بين جيلين " وكما يتضح من اسم البرنامج فأن المعنى واضح ، الوضع فى العراق بين جيلين ويمكننا بسهولة ودون تردد ان نعمم التسمية لتصبح بين جيلين ليس فى العراق فقط بل فى كل انحاء الوطن العربى بل وفى العالم اجمع فى ظل استفراد الولايات المتحدة الأمريكية بمقدرات العالم وحدها.
المشكلة الحقيقية فى أن ما اذاعته القناة فى برنامجها كان فظيعاً لأقصى درجة جعلت حتى المشاركين بالبرنامج من ذوى الميول المعتدلة فى حالة من الوجوم والصدمة لدقائق عدة بعد ذلك ..
اذاعت القناة مشهداً مطولاً لعملية ذبح ثلاث من الشباب العراقيين ليس على أيدى الجماعات المسلحة الموجودة الآن فى العراق ، لكنها لتنظيم ما كان يعرف باسم " فدائيو صدام " – ويبدو الهدف واضحاً وهو الإيحاء بمقارنة من نوع ما بين الفصيلين السابق والحالى ممن يحترفون قطع الروؤس – تم ذلك وفق تسجيل شريط الفيديو فى ديسمبر 1998.
كانت العملية برمتها فى منتهى الشراسة والقسوة فهى لم تكن اعداماً بالمعنى المعروف – كان الوضع اشبه بأفراد من آكلى لحوم البشر فى انتظار ضحيتهم .. فالمشاركين فى التنفيذ كانوا بالعشرات من حاملى السلاح والمتشحين بالسواد بعضهم ملثم والآخر سافر الوجه تبدو على وجههم علامات التلذذ بما يفعلون ينشدون جميعاً نشيداً حماسياً تظهر فيه بوضوح اسماء صدام حسين العديدة .. والضحايا شباب عراقى أيديهم خلف ظهورهم مكبلين ومعصوبى العينين ..
ليتم بعد ذلك وفى مشهد اصرت القناة وقبل منها كاميرا التصوير ان يبدوا فى منتهى الوضوح وبقسوة لا يتصف بها آدمى يحمل بين جنباته قلباً او روحاً تخاف يوم الحساب تم قطع ألسنة هولاء الثلاثة واحداً تلو الآخر ويتركوا لينزفوا بضع دقائق بعدها تقطع الرؤوس ذبحاً بالسيف .. وينفجر مرة أخرى الصياح والرقص والصخب الهيستيرى وكأن المنفذين قد اعدموا الشيطان او احد اتباعه وليس شباباً عراقياً عربياً يحمل نفس دماء ولغة وربما دين جلاديه وتجول الكاميرا بين الأجسام الثلاثة فى مشهد يصعب على العقل البشرى تقبله .. لأجسام بشرية بلا رؤوس .
لينتقل المشهد بعد ذلك الى مجموعة من رؤساء العشائر العراقية واقفين يشهدون ما جرى فى حالة من الصمت الذى لا تدرى سببه فعلاً .. هل هو موافقة لما حدث .. أم هو الرعب ألجم العقول قبل الألسنة وجعل كبيرهم يفكر ألف مرة قبل ان يتحرك لسانه داخل فمه بكلمة امام هؤلاء الوحوش !! وهو الأسلوب الذى اتبعه صدام حسين فى حكمه للشعب العراقى طوال الثلاثين عاماً الماضية .
كان تسجيل الشريط كما تذكر القناة ويذكر الشريط نفسه هو توثيق تنفيذ حكم الأعدام على " الأشقياء الثلاثة " من الشباب العراقى وارساله الى قيادة منظمة " فدائيو صدام " تأكيداً للحدث وتسجيلاً له.
لم يتم ذكر سبب الذبح والأعدام لهولاء الثلاثة .. بل تركت القناة الأمر لخيال المشاهد العربى .. ليقارن بين ما يحدث الآن فى العراق من عمليات مماثلة وبين ما شاهدوه .. فى محاولة لوصم المقاومة العراقية بأنها من تدبيرأفراد النظام السابق .. نفس مرتكبى عملية الذبح من " فدائيو صدام " وغيرهم .
ويبقى السؤال .. الى متى سوف يظل المواطن العربى مطحوناً بين المطرقة والسندان
بين مطرقة انظمة حكم من نفس الدم واللغة والدين لكنها اكثر شراسة ووحشية من العدو الحقيقيى .. ولتشهد العراق فى الشريط السابق .. ومصر فى قضايا ايمن نورو عبدالعزيز مخيون و عبدالهادى قنديل وغيرهم .. وليبيا واليمن والسعودية وسوريا ولبنان ...
وسندان التدخل الأجنبى بتجاوزاته فى ابوغريب والبصرة وجوانتانموا والتى على قسوتها وشذوذها – نجحت القناة فى ان تجعله رحمة – الى جوار ما يحدث بيد الأخ والقائد والزعيم وكل من سُلط على رقابنا .
لا نملك الأ ان نصرخ الى الله عز وجل ..
اللهم ارفع مقتك وغضبك عنا
اللهم ارفع مقتك وغضبك عنا ..